الجمعة، 15 مارس 2019

هي ثورةٌ حتى مطلعِ الفجر

• الميلاد الثامن للثورة السورية الكبرى •







ثمان سنين والثورة السورية صامدة ، هي ثورة الكرامة والشهامة ، إنطلقت في مثل هذا اليوم من عام ٢٠١١ بأغصان الزيتون وبأقلامٍ حبرها من دمٍ قانٍ ، قدمت طيلة هذه السنوات مئات الآلاف من الشهداء ومثلهم من المصابين ومثلهم من الأسرى ، طيلة هذه السنوات كان حقٌ على كل ثائر حر أن يستيقظ وبيده قلم وبندقية ، طيلة هذه السنوات كان على كل مَن طلب الكرامة والحرية أن يستيقظ وينام على أصوات الصواريخ ورائحة الكيماوي ، بل كان عليه ألا ينام إلا وقد شاهد الأشلاء والضحايا هنا وهناك .. والكثير الذي لا تُعبره مقالة صغيرة استمرت كتابتها ثمانية سنوات.

هي ثورةٌ رايتها أعلاها أخضرٌ ناضرٌ مُدهامّ ليلبسه شهداؤها في الجنّة ( فاللون الأخضر جعله الله لباساً لأهل الجنّة ) ، وأوسطها أبيضٌ ناصعٌ فهي رمزٌ للطهر والنقاء وسيرتها الطيبة ، وأسفله الأسودُ الحالك القاتم فهي رمزٌ للعزة والقوّة والسؤدد ، وثلاث نجومٍ حُمُرٍ بداخل ذاك البياض اليَقق.. فهي رمزٌ للترفِ والجاه وهي سلطانةُ الثورات ( فالأحمر كان لباس السلاطين ).


هي ثورةُ الجمال والحياء والنقاء والعمل ، هي ثورةُ الإحياء والكرامة حتى الأزل.. هي ثورةٌ عيونها كبريقِ نجمةٍ في سماء بانياس ، وشفاهها كالفرات حين يدفق من طوروس حتى الرقة ودير الزور ، يداها تحتضن حلب من قلعتها وإدلب من زيتونها وحماة من نواعيرها ثم حمص الخجولة من أبوابها حتى دمشق الشام عند المسجد الأمويّ.


هي ثورةٌ لم تنتهي تضحياتها حتى اليوم ولن تنتهي حتى نيل المبتغى واستحقاق ما هتفَ به الشعب طيلة هذه السنوات ، هي ثورةٌ أقسمت أن تقسِم ظهر الأعادي باخضرار زيتونها ورائحة ياسمينها وجمال شهبائها وبريق صحرائها وحياءِ عاصمتها وسواعدِ مهدها.

هي ثورةٌ كانت ولا زالت مدرسةً للشعوب العربية وأجيال المستقبل من مشارق الأرض حتى مغاربها. تعلِّم معنى الصبر والصبر والصبر حتى النصر ، هي ثورةٌ أيقظت الشعوب العربية من سباتها وغفلتها ، هي ثورةٌ حملت أثقالاً بحجم الأرض من الألم ، هي ثورةٌ رغم ذاك الألم أبت إلا أن تقضي ما ثارت لأجله .

هي ثورةٌ في كلّ شهيد شجاع فيها يُدفن تحت التراب ، يتبرعم منه ألف شجاع آخر

وهي ثورة أخطأت مرات وأصابت مرات ، تعرضت طيلة سنوات لعشراتٍ من الفتن والحواجز والمطبات الثقيلة ، فكانت لتلك الصدمات طاحنة دون أن تُعلن حداداً أو عزاء .

 هي ثورةٌ اجتمعت عليها كلاب الأرض من كل حدب ونهشت من لحمها وصمودها طيلة سنوات ، لكنها رغم معرفتها بتكاثر تلك الكلاب فيما بينها أكملت مسيرها قائلةً باستمرار " لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً ".

هي ثورةٌ تعاهدت بكل أطيافها ومذاهبها على البقاء والإبتسامة في وجه كل من يقف أمامها رغم عشرات الطعنات منها في القلب والأحشاء ومنها ما كان غدراً في ظهرها. هامسةً مِدْيتكم ليست إلا موقداً لي ونيرانكم ليست إلا رياحاً لموقدي.. أنا لم ولن أقع على الأرض فهل من مزيد !!.

هي ثورةٌ مظلومةٌ مستضعفةٌ متألمةٌ جريحةٌ لكنها متأملةٌ صابرةٌ محتسبةٌ كلما ضاقت بها الحال استصرخت أن الله بشرني بالنصر ولو بعد حين .

هي ثورةٌ .. وهي ثورةٌ .. وهي ثورةٌ .. تجفُ الأقلام ولا تنتهي الكلمات والحروف ، لكن فلتعلموا أنها ثورةٌ قائمةٌ حتى تنال النصر بإذن الله أو أنها مستمرةٌ حتى قيام الساعة ولو وضعَ التاريخ بجانب الثمانية عشرة أصفار أو زاد ، هي ثورةٌ حتى مطلعِ الفجر ..

فيا ربّ لا تردها خائبة بعد كفاحٍ طويلٍ وطريقٍ شاقّ قد دقّته لترفع الظلم عن أبنائها ، وسارت به لتحييهم وتنقذهم من عارهم وتحيي فيهم نهضتهم وترفع بهم رايةَ العدالة الإسلامية التي قتلها أعداءك وأعداءها عمراً طويلاً يا جبّار يا قهّار ، يا ربِ الفجر الفجر والشروق الشروق لهذه الثورة العظيمة. وكل عام والثورة باقية حتى إسقاط آخر بشار والسلام ..


بقلم مصعب بن مصطفى السلوم




تابعونا على مواقع التواصل الإجتماعي عبر الروابط التالية:

تويتر ؛ إضغط هنا
فيسبوك ؛ إضغط هنا
يوتيوب ؛ إضغط هنا
إنستغرام ؛ إضغط هنا
تليغرام ؛ إضغط هنا

هناك تعليقان (2):