الجزء الثالث
أولاً نتكلم عن دور الأسرة في تنمية قدرات المعاق
ينبغي على أسرة المعاق أن تلعب دورا مهما في تأهيل المعاق وتنمية قدراته والإحسان إليه ، بحيث تحترمه ولا تهينه ولا تعيره ولا تزدريه بأي شكل من الأشكال ولو كان على سبيل المزاح وتعطيه مكانة اجتماعية في الأسرة وتثني عليه وتمدحه دائما في كل المناسبات وتستشيره وتتعامل معه كالصحيح فتجعله يزاول حياته بشكل طبيعي وتشجعه وإن كان عليه نوع مشقة ولا تبالغ في رأفته وتقوم بأعماله من باب الرحمة وتتساهل في تأهيله لأن ذلك سيضره في المستقبل ويضعف وظائفه ويجعله كلا على الغير.
ومن اشتغل برعاية قريبه المعاق من أخ وأخت وصرف طاقته وبذل جهده وترك اللهو لأجل ذلك وربما أخر زواجه ومصالحه وضحى بشبابه لأجل إسعاده فهو بطل من الأبطال وشهم كريم الخصال وله ثواب عظيم لأن عمله من أعظم القربات ويدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل والصائم النهار). متفق عليه.
ومن أعظم البر أن تسعى الأسرة في تزويج المعاق إذا كان صالحا للزواج أو طلبه ليتعفف عن الوقوع في الحرام وليأتيه ذرية صالحة ترفع ذكره وترعاه وتقضي حوائجه وتكون له ذخرا في الدنيا والآخرة وينبغي على المعاق ألا يتشدد في صفات الزوجة وألا يطلب الكمال وإنما يكون واقعيا لينال غرضه وتتحقق مصلحته. والتوفيق بين الجنسين من ذوي الإعاقة مطلب حسن وله آثار إيجابية على هذه الفئة. ومن تزوج امرأة معاقة محتسبا للثواب وصلحت نيته وأحسن عشرتها كان حريا بتوفيق الله بإحسان الله ورحمته يوم القيامة لما ورد في فضل الإحسان قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
والآن نتكلم عن دور المجتمع في تنمية قدرات المعاق
شريحة المعاقين في مجتمعنا المسلم شريحة غالية على قلوبنا ينبغي لكل مسلم أن ينصرهم ويتعاون معهم ويسهل لهم الخدمات ويظهر لهم المحبة والود لما لهم من حق الإخوة الإيمانية وحق ما لازمهم من وضع خاص ، وقد جاءت الشريعة بالتكافل والتعاون والتحاب والإحسان كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : (قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيله قلت أي الرقاب أفضل قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً قال قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قال قلت يا رسول الله إن ضعفت عن بعض العمل قال تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك). متفق عليه.
ويكون ذلك بالسؤال عنهم وتفقدهم ومؤازرتهم والوقوف معهم ونصرة قضاياهم وتقديم العون المادي والمعنوي لهم. ويحرم على المسلم ازدراء المعاق وإهانته والسخرية به بأي شكل من الأشكال وإظهار الشماتة به والتعدي على حقوقه المالية والمعنوية والتسلط عليه لعجزه واستغلال ضعفه لنيل المكاسب الشخصية من تسول ومكافئات وخدمات.
وينبغي على الدولة أن تعنى بشريحة المعاقين وتكفل لهم جميع الحقوق المادية والمعنوية والاجتماعية وتحرص على تأهيلهم بتنشيط وتطوير قدراتهم واستثمار قوتهم ليستطيعوا على الاعتماد على أنفسهم في مقاومة ظروف الحياة وتوفر لهم الفرص الوظيفية المتنوعة التي تلبي لهم جميع الاحتياجات من غير منة أو سؤال أو استعطاف ومن المؤسف أن بعض المجتمعات الكافرة لها عناية فائقة بهذه الفئة عناية مادية أكثر من بعض المسلمين مع أن ديننا حث على ذلك ورغب واعتنى بالجانب الإنساني منذ فجر الرسالة.
ومن أهم الأمور والضوابط التي يجب على الدولة مراعاتها في سبيل تأهيل المعاقين توفير كوادر صالحة ومستشارين مؤتمنين يتميزون بصلاح دينهم وأمانتهم ليقوموا على المعاقين على أكمل وجه ويربوهم على الفضيلة ومحاسن الأخلاق.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي من به ضعف وحاجة وإعاقة كما روى أنس أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال: (يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها). رواه مسلم. وكان يزورهم ويدعو لهم كما في قصة عتبان بن مالك لما عمي وكان يبعث الأمل في نفوس ذوي الإعاقة ويسليهم فكان يقول عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه، تكريما وتشريفا له: (بل سيدكم عمرو بن الجموح). وكان أعرج. رواه البخاري في الأدب المفرد.
( منقول بتصرف )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق