الأربعاء، 27 مارس 2019

حساسية المعاق المفرطة

الجزء الثاني


 ينبغي على المعاق ألا يكون مفرطا في الحساسية تجاه نظرة المجتمع له فينزعج من كل قول يسمعه أو فعل يراه أو تأثر في مشاعرهم لأنهم يتصرفون بذلك من باب الرحمة والإحسان ولا يقصدون الإهانة والازدراء له ، وإنما يقومون بذلك لسلامة فطرتهم وزكاء نفوسهم وطاعتهم لربهم فلا داعي لأن ينزعج من ذلك ومن أساء منهم ، فلا يلتفت إليه لأن إسائته وقلة أدبه ترجع إلى المسيء 

  وأفضل حل لهذه المشكلة أن يقطع التفكير نهائيا في هذه المسألة ويربى نفسه على عدم الاكتراث بكلام الناس وتصرفات المجتمع ويعزز ثقته بنفسه وقدراته وكفائته بإقباله على طاعة ربه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ويغير طريقته في التفكير تجاه هذا الأمر وليعلم أن كل ما يصيبه من هم وحزن يثاب عليه وهذا يهون عليه الأمر فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه). متفق عليه. 

  ويجب على المسلمين ألا يظهروا قولا أو تصرفا يجرح مشاعر المعاق ويسبب له الضيق وأن يراعوا مشاعره ونفسيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إيذاء المسلم. 

  إن المعاق إذا استعان بالله واستثمر طاقته وكانت له همة عالية وطموح وثاب عاش حياة كريمة وصنع مجدا وكان فاعلا في المجتمع يحظى بنظرة الاحترام والتقدير من الآخرين كما كان ابن ام مكتوم مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى ، وقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة يصلي بالناس مرتين 

والصحابي ربعي بن عامر كان شديد العرجة لكنه كان من أهل الرأي والسياسة والقدرة على المفاوضة وقد أرسله سعد بن أبي وقاص لرستم قائد الفرس ولعب دورا مهما وكذلك كثير من العلماء الكبار العميان كان لهم دور بارز في المجتمع أبلغ من كثير من الأصحاء ،  وكذلك محمد بن سيرين كان عنده إعاقة سمعية وكان عالما بالحديث معبرا للرؤى ، وهذا عطاء بن رباح كان أشل أعرج وكان عالم مكة وفقيهها يتدافع الطلاب في حلقته والترمذي الإمام الحافظ صاحب المصنفات المشهورة كان أعمى ، وفي زماننا شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز كف بصره في الصغر واجتهد وصابر حتى حاز رئاسة العلم وكتب له القبول في الأرض ورضيته الأمة. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق