الأربعاء، 1 مايو 2019

كيف يتحقق الفرج ؟!

وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ 

لم يكونوا من المنافقين الذين عذرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن تخلفهم للغزوة، ولم يكذبوا ويضعوا حججاً واهية وأكاذيب واهنة، إنما صدقوا القول بخطئهم، لكن الحبيب محمد لم يعفُِ عنهم ومنع أحداً من مجاراتهم بحديثٍ أو سلامٍ ولا يُرَد عليهم السلام طيلة أربعين يوماً ومن ثم منع عنهم نسائهم عشرٌ أُخر.

فضاقت الأرض عليهم بما رحبت أي بكل وسعتها واتساعها قد ضاقت في عيونهم وقلوبهم من شدّة ألمهم وندمهم وحزنهم، وضاقت عليهم أنفسهم كما اليوم الكثيرون في بلادنا يتمنون الموت ويحسدون الأموات لشدة بلائهم وكروبهم.

وظنّوا ألا ملجأ ولا مفر ولا مهرب من الله إلا إليه، وقد أتت ظنوا بمعنى تيقّنوا وهو الظن بالرتبة الإيمانية الأولى والأعلى، ولم ينتظروا جاهةً ووصايةً من أرباب الدنيا ولا حتى من أصحاب رسول الله. حتى نزلَت هذه الآية وتاب الله عليهم أي غفر لهم وعفا عنهم وفرّج همهم ونفّس كرباتهم وقضى حاجتهم وأبدلهم فرحاً عن الحزن.


في هذه الأيام وبعد أن ضاقت الأرض بما رحُبت علينا وبعد أن ضاقت أنفسنا علينا وتمنينا الموت لا الحياة لما عِشناه ولا زلنا نعيشه طيلة سنواتٍ وسنوات وليست أياماً ولا أشهراً ، لكنّا حتى اليوم لم نُطبّق شرط اليقين بالله حتى يُفرّج الله عنا كربتنا ويُزل الغمّة عن هذه الأمة، فلو تيقنّا بنصر الله وفرجه وعقدنا الأمل على الله وحده لا على روسيا وأمريكا وتركيا وغيرهم. وسعينا لمرضاة الله بالتوكّل لا التواكل، والإخلاص في الأعمال بعد النوايا وجاهدنا حق الجهاد، لكانت هذه الغمامة السوداء قد أزاحها الله عنّا منذ زمنٍ.

" مصعب السلوم "

الأربعاء، 27 مارس 2019

دور الأسرة ودور المجتمع في تنمية قدرات المعاق

الجزء الثالث


أولاً نتكلم عن دور الأسرة في تنمية قدرات المعاق


 ينبغي على أسرة المعاق أن تلعب دورا مهما في تأهيل المعاق وتنمية قدراته والإحسان إليه ، بحيث تحترمه ولا تهينه ولا تعيره ولا تزدريه بأي شكل من الأشكال ولو كان على سبيل المزاح وتعطيه مكانة اجتماعية في الأسرة وتثني عليه وتمدحه دائما في كل المناسبات وتستشيره وتتعامل معه كالصحيح فتجعله يزاول حياته بشكل طبيعي وتشجعه وإن كان عليه نوع مشقة ولا تبالغ في رأفته وتقوم بأعماله من باب الرحمة وتتساهل في تأهيله لأن ذلك سيضره في المستقبل ويضعف وظائفه ويجعله كلا على الغير.

  ومن اشتغل برعاية قريبه المعاق من أخ وأخت وصرف طاقته وبذل جهده وترك اللهو لأجل ذلك وربما أخر زواجه ومصالحه وضحى بشبابه لأجل إسعاده فهو بطل من الأبطال وشهم كريم الخصال وله ثواب عظيم لأن عمله من أعظم القربات ويدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل والصائم النهار). متفق عليه.

  ومن أعظم البر أن تسعى الأسرة في تزويج المعاق إذا كان صالحا للزواج أو طلبه ليتعفف عن الوقوع في الحرام وليأتيه ذرية صالحة ترفع ذكره وترعاه وتقضي حوائجه وتكون له ذخرا في الدنيا والآخرة وينبغي على المعاق ألا يتشدد في صفات الزوجة وألا يطلب الكمال وإنما يكون واقعيا لينال غرضه وتتحقق مصلحته. والتوفيق بين الجنسين من ذوي الإعاقة مطلب حسن وله آثار إيجابية على هذه الفئة. ومن تزوج امرأة معاقة محتسبا للثواب وصلحت نيته وأحسن عشرتها كان حريا بتوفيق الله بإحسان الله ورحمته يوم القيامة لما ورد في فضل الإحسان قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

والآن نتكلم عن دور المجتمع في تنمية قدرات المعاق














  شريحة المعاقين في مجتمعنا المسلم شريحة غالية على قلوبنا ينبغي لكل مسلم أن ينصرهم ويتعاون معهم ويسهل لهم الخدمات ويظهر لهم المحبة والود لما لهم من حق الإخوة الإيمانية وحق ما لازمهم من وضع خاص ، وقد جاءت الشريعة بالتكافل والتعاون والتحاب والإحسان كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : (قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيله قلت أي الرقاب أفضل قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً قال قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قال قلت يا رسول الله إن ضعفت عن بعض العمل قال تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك). متفق عليه.


  ويكون ذلك بالسؤال عنهم وتفقدهم ومؤازرتهم والوقوف معهم ونصرة قضاياهم وتقديم العون المادي والمعنوي لهم. ويحرم على المسلم ازدراء المعاق وإهانته والسخرية به بأي شكل من الأشكال وإظهار الشماتة به والتعدي على حقوقه المالية والمعنوية والتسلط عليه لعجزه واستغلال ضعفه لنيل المكاسب الشخصية من تسول ومكافئات وخدمات.

  وينبغي على الدولة أن تعنى بشريحة المعاقين وتكفل لهم جميع الحقوق المادية والمعنوية والاجتماعية وتحرص على تأهيلهم بتنشيط وتطوير قدراتهم واستثمار قوتهم ليستطيعوا على الاعتماد على أنفسهم في مقاومة ظروف الحياة وتوفر لهم الفرص الوظيفية المتنوعة التي تلبي لهم جميع الاحتياجات من غير منة أو سؤال أو استعطاف ومن المؤسف أن بعض المجتمعات الكافرة لها عناية فائقة بهذه الفئة عناية مادية أكثر من بعض المسلمين مع أن ديننا حث على ذلك ورغب واعتنى بالجانب الإنساني منذ فجر الرسالة.

 ومن أهم الأمور والضوابط التي يجب على الدولة مراعاتها في سبيل تأهيل المعاقين توفير كوادر صالحة ومستشارين مؤتمنين يتميزون بصلاح دينهم وأمانتهم ليقوموا على المعاقين على أكمل وجه ويربوهم على الفضيلة ومحاسن الأخلاق.

  وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي من به ضعف وحاجة وإعاقة كما روى أنس أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت يا رسول الله إن لي إليك حاجة فقال: (يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها). رواه مسلم. وكان يزورهم ويدعو لهم كما في قصة عتبان بن مالك لما عمي وكان يبعث الأمل في نفوس ذوي الإعاقة ويسليهم فكان يقول عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه، تكريما وتشريفا له: (بل سيدكم عمرو بن الجموح). وكان أعرج. رواه البخاري في الأدب المفرد.










( منقول بتصرف )

حساسية المعاق المفرطة

الجزء الثاني


 ينبغي على المعاق ألا يكون مفرطا في الحساسية تجاه نظرة المجتمع له فينزعج من كل قول يسمعه أو فعل يراه أو تأثر في مشاعرهم لأنهم يتصرفون بذلك من باب الرحمة والإحسان ولا يقصدون الإهانة والازدراء له ، وإنما يقومون بذلك لسلامة فطرتهم وزكاء نفوسهم وطاعتهم لربهم فلا داعي لأن ينزعج من ذلك ومن أساء منهم ، فلا يلتفت إليه لأن إسائته وقلة أدبه ترجع إلى المسيء 

  وأفضل حل لهذه المشكلة أن يقطع التفكير نهائيا في هذه المسألة ويربى نفسه على عدم الاكتراث بكلام الناس وتصرفات المجتمع ويعزز ثقته بنفسه وقدراته وكفائته بإقباله على طاعة ربه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ويغير طريقته في التفكير تجاه هذا الأمر وليعلم أن كل ما يصيبه من هم وحزن يثاب عليه وهذا يهون عليه الأمر فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه). متفق عليه. 

  ويجب على المسلمين ألا يظهروا قولا أو تصرفا يجرح مشاعر المعاق ويسبب له الضيق وأن يراعوا مشاعره ونفسيته لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إيذاء المسلم. 

  إن المعاق إذا استعان بالله واستثمر طاقته وكانت له همة عالية وطموح وثاب عاش حياة كريمة وصنع مجدا وكان فاعلا في المجتمع يحظى بنظرة الاحترام والتقدير من الآخرين كما كان ابن ام مكتوم مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى ، وقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة يصلي بالناس مرتين 

والصحابي ربعي بن عامر كان شديد العرجة لكنه كان من أهل الرأي والسياسة والقدرة على المفاوضة وقد أرسله سعد بن أبي وقاص لرستم قائد الفرس ولعب دورا مهما وكذلك كثير من العلماء الكبار العميان كان لهم دور بارز في المجتمع أبلغ من كثير من الأصحاء ،  وكذلك محمد بن سيرين كان عنده إعاقة سمعية وكان عالما بالحديث معبرا للرؤى ، وهذا عطاء بن رباح كان أشل أعرج وكان عالم مكة وفقيهها يتدافع الطلاب في حلقته والترمذي الإمام الحافظ صاحب المصنفات المشهورة كان أعمى ، وفي زماننا شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز كف بصره في الصغر واجتهد وصابر حتى حاز رئاسة العلم وكتب له القبول في الأرض ورضيته الأمة. 


الثلاثاء، 26 مارس 2019

وطننا جميلٌ فحافظوا عليه

الجزء الأول


في هذه الكلمات التي لم تلِق بحق أن أوصف وطني بها، لكن رغمَ تواضع الكلمات أمام إجلال هذا الوطن وددت أن أحدثكم عنه وأكتبها بدموعٍ أثقلتني وابتسامةٍ ملَأتْ أركان صدري.



الوطن عندنا ليس حفنة من التراب كما يظنون، الوطن عندنا شعبٌ وماءٌ وزرعٌ وأرضٌ رُويت بالدماء. الوطن عندنا أمٌ تلبس ذاك الطفل حقيبته وتصطحبه إلى المدرسة صباحاً، الوطن عندنا أبٌ يستيقظ صباحاً ليخرج إلى وظيفته ليعود بالطعام مساءً إلى البيت، الوطن عندنا طفلةٌ صغيرةٌ تنتظر أباها ليعود للمنزل بالحلوى والألعاب كل يوم، الوطن عندنا عسكرٌ يُرابط بدعاء الشيوخ كل يوم، الوطن عندنا مآذن تكبّر خمسَ مراتٍ كل يوم، وحشودٌ تجتمع كل جُمعةٍ في بيوت الله، الوطن عندنا دموع فتاةٍ تنتظر خطيبها ليعود من خدمته العسكرية فيأخذها عروساً إلى منزله، الوطن عندنا أمٌ قد هرمت وتأبى أن تأكل دون اجتماع كلّ أبنائها على العشاء، الوطن بستانٌ يلعب فيه الفتيان كل عصرٍ رياضةً مختلفة، الوطن حديقةٌ تغدي بها الفتيات كل مساءٍ، الوطن عرقٌ سقط من جبين العمّال ليجنوا بتعبهم مالاً حلالاً يُطعمون به أهلهم، الوطن حبرٌ بقلم ذاك الشاعر وصورةٌ بعدسةِ ذلك الصحفي، الوطن عندنا وردةٌ حمراء تفتحت فملأت الأركان عطراً وجمالاً، الوطن جنّةٌ في الدنيا لمَن دخلها، وعزاءٌ لم فارقها وحزنٌ لا ينتهي وألم لا يندمل لمن هجرها ورحل عنها.



الوطن فتوحاتٌ كانت بالأمس في القدس والقسطنطينية و الشام ومصر والأندلس، الوطن سيوفٌ تكسرت بيد خالد بن الوليد، ورماح قذفت بين أضلعِ الأعداء، وسهامٌ اخترقت تلك الدروع، وجثثٌ ملأت ساحات المعركة أرادت حين كانت حيّةً إغتصابه، الوطن صيحات أرعبت ذاك المغتصب وقتلته خوفاً، الوطن تكبيراتٌ وتهليلاتٌ وسيوفٌ مرفوعةٌ عند كل انتصار. الوطن جيوشٌ انطلقت إلى القدس في عهد صلاح الدين، وجيوشٌ فتحت القسطنطينية في عهد محمد بن مراد، وجيوشٌ غزت مشارق الأرض ومغاربها في كلّ زمنٍ سابقٍ غير بعيد.


الوطن عندنا ثورةٌ تدوم وتدوم وتدوم وتأبى أن تزول، ثورةٌ جادت بآلاف أبنائها ولم تكتفِ، ثورةٌ سقط فيها ذلك المنزل الذي كان يعود إليه الأب وتنتظرُ فيه الطفلة والأم، ويربى فيه الصحفي والعامل، ويجتمع فيه الأبناء والأحفاد على العشاء في يوم الجمعةِ. نعم قد سقط وهبط وعلى الطفلة فقتلها وقتل الأم والأبناء وبقي الأبُ يبكي ولا يعود..، هو ثورةٌ وقفت بوجه أعتى الظلمة والطغات وقالت له قِف لا مكان للفساد بيننا، هو ثورةٌ انتكستْ في كثيرٍ من الأزمنة وفقدت أعلاماً لها لكنها لم تركن وتقف، ثورةٌ يحلم مَن بقيَ من أبنائها بالحرية والحياة بحقوقهم وواجباتهم ولن يكتفوا ولن يكلّوا حتى يصلوا إلى مبتغاهم وهدفهم... والكثير الكثير عن وطني لم أستطع جمعه وكتابته.. لكنني تعبت ولم أستطع أن أوصف سوى حفنة من تراب وطني مقارنةً بما يجب أن يُكتب في وطني، فحافظوا على هذا الوطن الذي لا مثيل له.



يتبع قريباً باقي الأجزاء حتى نصِل إلى الجزء العاشر























أبشر يا مَن لديك إعاقة بدنية


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
فقد شاء الله بحكمته البالغة ورحمته العظيمة أن يبتلي بعض عباده بالإعاقة كما يبتلي غيرهم بالمرض والفقر والخوف وغير ذلك من البلاء ليرى من يشكر ممن يكفر ويمتحن عباده كلا بما يناسبه.

  والإعاقة : هي قصور ونقص في بعض الأعضاء والقدرات والمهارات وهي على أنواع منها ماهي فكرية ومنها ما هي حركية وقد تكون في العقل وفي السمع والبصر واللسان والأطراف وقد تطور الطب الحديث في تصنيف الإعاقة وتحديد درجتها وكيفية علاجها وتخفيف أثرها ووضع البرامج في تأهيل ذوي الإعاقة ببحوث ودراسات والكلام يطول ويسند لأهل الإختصاص. إلا أن الضابط شرعا في الإعاقة كل فقد أو قصور لعضو أو وظيفته مما يتسبب لصاحبه بالإعاقة عن مزاولة حياته الطبيعية بعدم القدرة أو حصول المشقة له.

  والشارع الحكيم اعتنى بالمعاق عناية فائقة وراعى ظروفه الخاصة وأسقط عنه بعض الواجبات كما قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَج حَرَج وَلَا عَلَى الْمَرِيض حَرَج). ولما ضعف بصر عتبان رخص له النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في بيته كما في الصحيح.

  وقد رتب الشارع الحكيم ثوابا عظيما لمن فقد عينيه كما في صحيح البخاري من حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة). وهذا الحديث أصل فيمن ابتلي بالإعاقة ففقد عضوا مهما فصبر واحتسب فله الجنة وهذا في الإعاقة الطارئة وفي معناه ، ويحتمل أشد من ولد معاقا ناقص الخلقة قد لحقه الضرر طيلة عمره ولم يطرأ عليه ولا أعلم حديثا أعظم ثوابا لذوي الإعاقة من هذا الحديث.

   ولا ينبغي لنا أن نتحرج من إطلاق مصطلح الإعاقة ونستبدله بذوي الاحتياجات الخاصة لأن وصف الإعاقة وصف دقيق مطابق للواقع غير متكلف فيه ولا إهانة فيه بينما المصطلح الآخر فضفاف المعنى ويرد عليه ما يرد على الأول فأرى أنه لا حرج من إطلاق مصطلح الإعاقة وهو سهل الاستعمال.

  والمعاق مكلف يجري عليه الثواب والعقاب في سائر العبادات كالسليم المعافى إلا إذا فقد عقله بالكلية ولا يحل له ترك الفرائض لعذر الإعاقة مع قدرته عليها وإن تركها لغير عذر يعتبر مفرطا يؤاخذ شرعا ويستحق الوعيد في الآخرة.

  والمعاق في أحكامه ورخصه في باب الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج وسائر الأبواب كالمريض إلا أنه أشد غالبا لأن المرض عذر طارئ والإعاقة عذر دائم وقد يكون المرض أشد في بعض الصور ويلزم المعاق الإتيان بالفرائض على حسب استطاعته فإن قدر على جميع العبادة بشروطها وواجباتها وجب عليه الإتيان بها تامة وإن قدر على بعضها سقط عنه القدر الذي عجز عنه ولزمه ما قدر عليه وإن عجز عن بعض الشروط سقطت عنه بالكلية ولم يطالب بها كالعجز عن االطهارة بالماء وإزالة النجاسة واستقبال القبلة وستر العورة وصلى حينئذ على حسب حاله ولا تسقط عنه الصلاة مهما عجز عن بعض شروطها وأركانها إلا إذا زال عقله بالكلية وفقد التكليف وإذا عجز عن شيء في حال ثم قدر عليه في حال أخرى وجب عليه الإتيان بما عجز عنه في حال القدرة ويرخص له الجمع بين الصلاتين إذا شق عليه الصلاة في الوقت كالمريض ولا حرج عليه في الصلاة وحدثه يخرج باستمرار كالمستحاضة ويسقط عنه السعي إلى العبادات عند وجود المشقة الظاهرة والأصل في هذا الباب قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا). وما جاء في صحيح البخاري عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب).


أمور تساعد المعاق على النجاح وعدم اليأس



وثمة أمور تخفف مصاب المعاق وتسهل عليه حاله وتجعله يعيش في سعادة:

 #الأول : أن يوقن أن ما فيه من إعاقة هو ابتلاء من الله لحكمة بليغة قد تظهر له وقد تخفى عليه ولا يوجد تصرف أفضل في مثل هذه الحال إلا الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره. قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

 #الثاني : أن يوقن المعاق أن ما هو فيه هو من حال رزق كتبه الله عليه وقسمه له كما يقسم الأرزاق بين الناس فليقنع بذلك ويرضى بقسمة الله ليفلح ويشعر بالسعادة القلبية والاطمئنان الروحي وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه). رواه مسلم.

 #الثالث : أن يستشعر المعاق الأجر والثواب المترتب على صبره على الإعاقة وهو الجنة كما ثبت في السنة ويتذكر حال المرأة السوداء التي كانت تصرع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها النبي بين الشفاء والصبر على البلاء فاختارت البلاء فبشرها بالجنة كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس فإذا صبر فهو من أهل الجنة وكفى بذلك شرفا ونعيما.

 #الرابع : أن يوقن أن هذا البلاء قدر ملازم له لا مفر له فيتعايش مع ظروفه ويتكيف على حسب قدراته ويزاول حياته الطبيعية بكل ما يملك ويشارك الآخرين في بناء المجتمع ويكون قويا بالله ولا يتقوقع على نفسه وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان). رواه مسلم.

 #الخامس: أن يدرك من أصابته إعاقة أن حزنه وحسرته وكثرة همه على حاله لا ترجعه إلى حالته السليمة إلا أن يشاء الله فلا يضيع عمره ووقته بالملامة والحزن والبكاء لأنها أمور لا تنفعه وتدل على الخور بل تضره وتؤثر على نفسيته وتوقعه في الاكتئاب وتضيع عليه الفرص.

 #السادس : أن يفكر في الإعاقة تفكيرا إيجابيا ويستثمر شعوره بذلك في إثبات ذاته وتطوير قدراته ومنافسته للآخرين ولا يستسلم أمام نظرة المجتمع بل يصابر ويجاهد ويسعى في كسب رزقه وهذا ينعكس على نفسيته بالراحة ويشعره بالثقة والمكانة والمنزلة الرفيعة.

 #السابع : أن يتأمل في أن الله هو المتصرف بعباده وأننا عبيده يتصرف بنا كيف شاء وأنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء وأنه إن كان قد منعه عضوا أو قدرة أو شيئا من وظائف الجسم فقد أعطاه نعما أخرى لا يستطيع إحصاؤها فليحمد الله على ذلك ولا يحزن ولذلك عروة بن الزبير لما أصيب رجله بالآكلة وقطعها الطبيب صبر واحتسب وقال: (أعطاني أربعة أطراف وأخذ واحدا إن ابتلى فطالما عافى وإن أخذ فطالما أعطى).

 #الثامن : أن ينظر ويتفكر في حال من هو أشد إعاقة وبلاء منه لتهون مصيبته ويشكر الله على عطائه ، فإن البلاء درجات ولا ينبغي له أن تتطلع نفسه وينظر إلى من هو أصح منه بدنا وأحسن حالا منه حتى لا يزهد في نعمة الله ولا يعرف قيمتها ثم يغتم ويحزن ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: ( انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله). رواه مسلم.

 #التاسع : التفكر أنه ما به من بؤس في الدنيا سينقلب إلى نعيم عظيم في الآخرة ينسيه ما كان فيه من بؤس فما هي إلا أيام قليلة في الدنيا فليصبر عليه وقد ثبت في صحيح مسلم: (يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط).

 #العاشر: من أعظم ما يسلي المعاق الإقبال على الله بتلاوة القرآن والذكر والصلاة والصدقة والحرص على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحضور مجالس العلم فإن القلب إذا سكن جنة الأنس بالله وذاق لذة مناجاته وغمرته السعادة نسي آلامه وهمومه وبؤسه وحاجته في الدنيا.

#الحادي_عشر : ومما يهون المصاب ويسلي الخاطر كثرة التفكر في أحوال الآخرة وزوال الدينا وأنه لن يخلد في الدنيا وأن الموت قريب لكل حي وأن إعاقته ونقص بدنه ستزول في الجنة لأن أهل الجنة خلقهم تام وحسن المنظر لا نقص فيه ولا إعاقة وأنهم يكونون على صورة آدم في الحسن والجمال والطول كما ثبت في السنة.

#الثاني_عشر : الاشتغال بالبرامج المفيدة والأعمال التطوعية والمشاركة في إدخال السرور والسعادة على الآخرين ولو بالشيئ اليسير فإن إيصال السعادة للغير ينعكس على المعاق بالسعادة ويشعره أنه قادر على العطاء.



نتحدث أيضاً عن دور الأسرة في تشجيع قدرات ذوي الإحتياجات الخاصة ، وعن دور المجتمع كذلك ، وعن حساسية المعاق المفرطة..




الجمعة، 22 مارس 2019

النظرية الاحتمالية

١. سياسة الدول العظمى تعتمد بإتخاذ قراراتها العسكرية على مبدأ النظرية الاحتمالية وبما فيها #روسيا، وبرأيي هي أنجح نظرية حيث كان لها دور أساسي بسقوط #الغوطة بالأمس، وأعتقد إن لم تتخذ نخب الثورة في #إدلب قراراتها اليوم على مبدأ الاحتمالات المضادة فسقوطنا موشك وقريب كمَن سبقنا.

٢. باختصار إن النظرية الاحتمالية هي اتخاذ القرار بوضع كافة الاحتمالات بحيث يُمكّن الدولة من تجهيز كافة التدابير في حال حصل تغيير مفاجئ في حال الهجوم أو الدفاع ويقوم خبراء عسكريين وسياسيين بوضع هذه الاحتمالات،

٣‏. كما حصل في ‎#العراق حين دخلت ‎#أمريكا نهاية القرن الماضي فصرّحت عن بدء حملتها العسكرية قبل الدخول البري ب٦ أشهر، ما فاجأ المدافعين وخسروا المعركة بعد أن توهموا أن ‎#أمريكا تراجعت عن قرارها بإطالتها فترة الحملة العسكرية ووضعها كافة الاحتمالات لكسبها المعركة.

٤. ويجب على كوادر #الثورة_السورية المسارعة في اتخاذ كافة الاحتمالات لتتمكن من صد عدوها الذي أوشَك على الهجوم حتى لا تتفاجأ بمصير كالغوطة وغيرها، بحيث تتوفر كافة الاحتمالات التي تقِينا من خسارة المعركة ثم خسارة الأرض والباقي معلوم.

"مصعب السلوم"


الخميس، 21 مارس 2019

رسائل هامة لكل ثوري

أصبحت أجد في كثير من الثوريين حقد يشمل كل شيء عنوانه #اسلام ، الحقد الذي نجم كما يُقال بسبب أعداء الثورة وأدعيائها وهو حجة وجهل في نفس الوقت وليس سبباً يُبرر به. والذي يُقطّع قلبي ألماً وحُرقة أنهم مسلمون شاهدوا ما ألمّ بالثورة والاسلام في #سوريا خلال كل هذه السنوات

الحرب في #سوريا على الاسلام وليست على ثورة قامت في وجه حكومة بعد أن تنقضي مطالبها تستقل وتركن. ولو كانت حرباً على الثورة لشهدناها في كل ثورة عربية وآخرها #الجزائر .

نحترم جميع الأطياف ولا ننكر افضالهم كثوريين سلميين ومسلحين قديماً، ولا نتدخل بصفتنا مسلمين بطقوسهم الدينية، لكن هذا لا يعني أن نحتك بطقوسهم ونقدس أديانهم ومعتقداتهم ونحن مسلمين موحدين نعبد الله الواحد الأحد، وهذا ما يجهله كثير من الثوريين.

أحبابنا الثوريين الذين يفرقون بين دين #الاسلام والثورة: عندما انتفضنا غيرةً لأجل ذاك الشيخ الذي نتفوا لحيته أليس لأننا مسلمون ؟ عندما انتفضنا غيرةً لأجل ذاك الشاب الذي يُدعس على رأسه ليقول ربي بشار أليس لأننا مسلمون ؟ قد ربّى الغرب #داعش وأخواتها بيننا ليكرهوننا بالاسلام وليس بالثورة.

أحبابنا الثوريين: نحن مسلمون ثوريون لم يذق أحد في الدنيا ما ذُقناه وما ألم بنا من فاجعات طيلة سنوات. عدونا من الخارج يدكّ أسوارنا ونحن من الداخل ننخر بعضنا الآخر والثانية أشد بكثير. لا تسمحوا لهم بأن يبلغوا مقصدهم في تشتيتنا وتفريق صفوفنا أكثر من هذه الفُرقة. فلنعِد سيرتها الأولى.


الأحد، 17 مارس 2019

ما قيل عن الثورة السورية



" مقولاتٍ لي قد نقلت بعضها بتصرفٍ وأخصصت بها الثورة السورية "


- في ثورتنا السورية في كل رجلٍ يُقتل يحيا به ألفُ رجلٍ ، فأبلهٌ ذاك الذي قتل رجلاً ليلجمه .. فقد أحيا به شعباً لن يقدر على إلجامهم ولو أبادهم عن بكرة أبيهم



- ثورتنا السورية لم تقم لأجل بضع قروش ولا حتى لأجل تغيير رأس في الدولة فكل ذلك كان تحقيه ممكناً منذ انطلاقتها . ثورتنا قامت لإحياء الفكر وتحصيل الحقوق دون نقصان أي أنها ثارت لتحقيق المستحيل ونحن لا نقبل بأقل من ذاك المستحيل



قي ثورتنا السورية كان هناك نوعان من الناس ، من يقومون بها ويكافحون لأجلها ، وهناك ومن يستفيدون منها




- في ثورتنا السورية عندما إنطلقنا بدون وعي "لادراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس ، جئناكم بالذبح يا كفرة" تحولت جزئياً إلى قطاعي طرق . وعندما أُغدق علينا المال "سنعمل موازين وندعم الفصائل" تحولت جزئياً إلى لصوص . لكن عندما إنطلقنا بوعي ودون إنتظار المال "بالعلم نبني المستقبل" تحولت جزئياً إلى حضارة وإعمار. فعلينا الإحتفاظ بالأخيرة ورمي ما سبق لأجل ثورتنا






الجمعة، 15 مارس 2019

لبيب نحاس في ذكرى الثورة الثامنة

○ مجموعة تغريدات غردها السياسي لبيب نحاس عبر التويتر بمناسبة الميلاد الثامن للثورة السورية ، جمعناها لكم هنا :


- في مثل هذه الأيام المباركة من عام2011 ولدنا جميعا من جديد كأفراد وشعب، وكانت ولادة حلم عظيم عمل أعداؤنا وبعض أبناء جلدتنا على تحويله إلى كابوس، ولكن بعد 8 سنوات لا يزال الحلم حيا وما تزال الآمال معقودة، وما زلنا متمسكين بثورتنا وحقوقنا كاملة.


- مهما كتبت قرائح  الأدباء والمؤرخين ونطقت شهادات المشاركين في الثورة، فلن يتم إنصاف هذه الثورة العظيمة وإنصاف الشعب الجبار الذي قام بها، ‎#الثورة_السورية هي بحق أعظم ثورة في التاريخ المعاصر، وهي شامة ‎#الربيع_العربي وجوهرة تاجه، وهي بداية لمرحلة جديدة في تاريخ المنطقة والعالم.


‏- الثورة السورية زلزال هز أركان المنظومة الدولية والإقليمة التي مكنت لأنظمة فاسدة وأقلوية حكمت شعوب المنطقة لعقود طويلة، وقد بلغت ترددات هذا الزلزال أطراف العالم الغربي نفسه، وصعود التيار اليميني المتطرف  جزئيا كان ردة فعل على نتائج الثورة وآثارها.

- ‎الربيع العربي لم ينته، وما شهدناه حتى الآن هو الموجة الأولى، وطلائع الموجة الثانية بدأت تظهر بقوة، ومما يساعد على ذلك حماقة الأنظمة العربية وعجزها على التغيير وإدراك أن التحول الجذري في وجدان وعقل الشباب العربي غير قابل للرجعة.
‎#لا_لتمديد_العهده_الرابعه.

- ‎الثورة السورية أحدثت تغيرات عميقة وجذرية في وجدان المجتمع السوري وثقافته وطريقة رؤيته لنفسه ولمحيطه وعلاقته بالنظام لا سيما بين الشباب، وهذه التغيرات تجاوزت قنطرة العودة منذ وقت طويل، والعودة إلى سوريا ما قبل 2011 ما هو إلا سراب يحاول البعض إقناعنا به.

- معركتنا مع النظام البائد وحلفائه هي معركة أجيال، ولا يمكن الحكم على ما حققناه وما مهدنا لتحقيقه إلا من منظور تاريخي وجيلي. تغيير مجرى التاريخ لا يحدث في 8 سنوات عظيمة وقاسية ، ولا ينجزه جيل واحد، نحن بداية أمر سينهيه ويجني كامل ثماره  أجيالنا من بعدنا.

- واجبنا أمام الله وأمام من سبقونا ومن بقوا معنا ودفعوا أغلى الأثمان وأمام الأجيال التي تلينا هو الاستمرار، مهما كلف الثمن وبأي وسيلة ممكنة. لا نملك ترف اليأس ولا حق  التوقف، حققنا الكثير وأنجزنا المستحيل وإن بأبهظ التكاليف، ولكن ما زالت الأمانة في أعناقنا.


- يحلو للكثيرين التركيز على الجوانب السلبية التي ظهرت في سلوك وثقافة المنسوبين إلى الثورة (زورا أو حقيقة)؛ لا تسمحوا لمثل هذا الخطاب بالتفشي، ولا تتوقعوا أن تختفي أمراض المجتمع وثقافة البعث في سنوات قليلة، كنا وما زلنا نقول أن أخطر عدو للثورة هي الثقافة البعثية.

- وما يخفى على هؤلاء أو يتجاهلونه هي النماذج الإنسانية والبطولات الفريدة والخارقة التي قدمها وما زال يقدمها الشعب السوري في كفاحه لنيل حريته وكرامته، وأن صعوبة مراس هذا الشعب التي دفعنا ثمنها كثوار هي - أيضا - جزء من عبقريته وشخصيته التي مكنته من الاستمرار.

- ثوار الشعب السوري هزموا نظام الأسد، وكسروا شوكة حزب إيران ومرغوا أنف إيران، وتطلب إيقافهم تدخل قوى “عظمى” عسكريا بشكل مباشر وارتكاب جرائم حرب شبه يومية على مدى عامين، وسط دعم شحيح وتنكر القريب وتجهم الغريب. لم نُهزم ولكن تأخر وصولنا لمرادنا الغائي.

- نظام الأسد انتهى عسكريا، وتصدع أمنيا، ويعيش حالة غليان شعبي في المناطق التي يسيطر عليها جزئيا حتى بين أنصاره، وسط فشل اقتصادي وخدمي عارم، وفساد وصل لدرجات غير مسبوقة. كل هذا ينذر بانفجار قريب للوضع واستمرار تحول النظام إلى دولة فاشلة، وهذا ما تخشاه روسيا.

- حرب سرية تدور رحاها بين بعض أجهزة استخبارات النظام ,إيران للسيطرة على دمشق، وتضارب رؤى ومصالح مباشر بين روسيا وإيران، وانقسامات داخل منظومة الأسد نفسها، وتقاسم نفوذ بين إيران وروسيا وميليشات النظام في المناطق التي تُحسب زورا على أنها مناطق النظام. هذا هو"انتصار" النظام.

- للاسف، المعارضة السورية تفتقر للقوة والشرعية والشخصية لتخرج بخطاب سياسي قوي وواقعي يعكس حقيقة وضع النظام، ويرفض خطاب الانهزام تحت مسمى  “الواقعية السياسية”، ويدافع عن أهداف الثورة، ويمسك بزمام الملفات الكثيرة التي تملكها الثورة لتحصيل مكاسب حقيقية للشعب.


- ‏للاسف، النظام: سواء عندما كان في القعر أو عندما أسعفته روسيا (بعد أن فشلت جهود الحزب وإيران) حافظ على نفس الخطاب الصلب المتماسك، في حين اختلط على بعض واجهات المعارضة دورهم: فلم يميزوا بين القيادة والتحليل السياسي وبين الجلوس أمام وسائل الإعلام أو طبيب نفسي.

- أمام مؤسسات الثورة الرسمية، لا سيما واجهاتها فرصة أخيرة للارتقاء بأدائها بعيدا عن الخطابات الجوفاء والمزاودات البعثية والتدليس المرضي والاستخفاف بعقول الناس. لا يوجد مستقبل فردي لأي معارض دون نجاح نسبي للثورة ككل. إما أن تصل السفينة أو نغرق جميعا.

- ولكن ليس على الشعب الثائر أن ينتظر المعارضة السياسية؛ هناك حوالي 13 مليون سوري خارج مناطق سيطرة النظام: نظموا أنفسكم، ابنوا أدوات التأثير، أسسوا منصات سياسية وحقوقية واجتماعية تحمل صوتكم إلى صناع السياسات والقرار، ولتكن البوصلة هي هي نفسها، والرؤية ذاتها، والأهداف موحدة.

- الثورة السورية تملك أوراق قوة كثيرة، سياسية، حقوقية، إنسانية وحتى عسكرية وأمنية (درعا مثالا)، إلا أن ثورتنا تحتاج من يجيد استعمالها ويدفع تكلفتها. لسنا مضطرين أن نعطي شرعية لأي حل لا يحقق لنا الحد الأدنى من مطالبنا. إن كنا سنموت، فلنمت قتلا ولا نشرب السم تطوعاً.

- دورنا ومسؤوليتنا كشعب وكثوار يبدأ الآن، قبل الحل السياسي، وأثناء التفاوض على الحل، وبعد الحل. نحن من يعطي الشرعية لمن يدعي تمثيلنا وللحل الذي سيحاول البعض فرضه علينا. لذلك يجب أن نبدأ بتنسيق أنفسنا وبناء الأدوات والوسائل التي تمكننا من التأثير في مستقبلنا.

- الحل السياسي المزعوم ليس عصا سحرية تتحول بعدها سوريا إلى دولة “القانون” و “الصناديق الشفافة” و”الحرية” و”العدالة”؛ صراعنا مع النظام ومخلفاته ورواسبه وحلفائه طويل الأمد ويجب أن نجهز أنفسنا له منذ الآن، ولنا في دول أخرى عبرة حين سلموا مستقبلهم للسياسيين فقط.

- ‏عمل جاهدا بعض “سياسيي” المعارضة على نشر مقولة “انتهى العمل العسكري ومعركتنا سياسية فقط” أملا منهم في نقل المعركة إلى ما يعتقدون واهمين أنها ساحتهم، ولكن ‎#درعا مهد ‎#الثورة_السورية أضاءت الطريق للسوريين لبدء مرحلة جديدة ونمط مختلف من الكفاح المسلح. سلاح الثورة خط أحمر.

- ولمن داخله اليأس والإحباط، أمامك خياران: إما أن تشارك في صنع تاريخك بيدك وتثأر لنفسك وأهلك، أو تقرأه يوما متحسرا على عظيم ما فاتك.

 هذه ليست النهاية، وليست بداية النهاية؛ إنها فقط نهاية البداية بإذن الله.

 "وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون"

‎#الثورة_السورية

لمشاهدة كافة التغريدات عبر صفحته ما عليك سوى الضغط ( هنا )




لا تنسى متابعتنا على ( تويتر ) و ( فيسبوك )  و ( يوتيوب )  و ( تليغرام )

هي ثورةٌ حتى مطلعِ الفجر

• الميلاد الثامن للثورة السورية الكبرى •







ثمان سنين والثورة السورية صامدة ، هي ثورة الكرامة والشهامة ، إنطلقت في مثل هذا اليوم من عام ٢٠١١ بأغصان الزيتون وبأقلامٍ حبرها من دمٍ قانٍ ، قدمت طيلة هذه السنوات مئات الآلاف من الشهداء ومثلهم من المصابين ومثلهم من الأسرى ، طيلة هذه السنوات كان حقٌ على كل ثائر حر أن يستيقظ وبيده قلم وبندقية ، طيلة هذه السنوات كان على كل مَن طلب الكرامة والحرية أن يستيقظ وينام على أصوات الصواريخ ورائحة الكيماوي ، بل كان عليه ألا ينام إلا وقد شاهد الأشلاء والضحايا هنا وهناك .. والكثير الذي لا تُعبره مقالة صغيرة استمرت كتابتها ثمانية سنوات.

هي ثورةٌ رايتها أعلاها أخضرٌ ناضرٌ مُدهامّ ليلبسه شهداؤها في الجنّة ( فاللون الأخضر جعله الله لباساً لأهل الجنّة ) ، وأوسطها أبيضٌ ناصعٌ فهي رمزٌ للطهر والنقاء وسيرتها الطيبة ، وأسفله الأسودُ الحالك القاتم فهي رمزٌ للعزة والقوّة والسؤدد ، وثلاث نجومٍ حُمُرٍ بداخل ذاك البياض اليَقق.. فهي رمزٌ للترفِ والجاه وهي سلطانةُ الثورات ( فالأحمر كان لباس السلاطين ).


هي ثورةُ الجمال والحياء والنقاء والعمل ، هي ثورةُ الإحياء والكرامة حتى الأزل.. هي ثورةٌ عيونها كبريقِ نجمةٍ في سماء بانياس ، وشفاهها كالفرات حين يدفق من طوروس حتى الرقة ودير الزور ، يداها تحتضن حلب من قلعتها وإدلب من زيتونها وحماة من نواعيرها ثم حمص الخجولة من أبوابها حتى دمشق الشام عند المسجد الأمويّ.


هي ثورةٌ لم تنتهي تضحياتها حتى اليوم ولن تنتهي حتى نيل المبتغى واستحقاق ما هتفَ به الشعب طيلة هذه السنوات ، هي ثورةٌ أقسمت أن تقسِم ظهر الأعادي باخضرار زيتونها ورائحة ياسمينها وجمال شهبائها وبريق صحرائها وحياءِ عاصمتها وسواعدِ مهدها.

هي ثورةٌ كانت ولا زالت مدرسةً للشعوب العربية وأجيال المستقبل من مشارق الأرض حتى مغاربها. تعلِّم معنى الصبر والصبر والصبر حتى النصر ، هي ثورةٌ أيقظت الشعوب العربية من سباتها وغفلتها ، هي ثورةٌ حملت أثقالاً بحجم الأرض من الألم ، هي ثورةٌ رغم ذاك الألم أبت إلا أن تقضي ما ثارت لأجله .

هي ثورةٌ في كلّ شهيد شجاع فيها يُدفن تحت التراب ، يتبرعم منه ألف شجاع آخر

وهي ثورة أخطأت مرات وأصابت مرات ، تعرضت طيلة سنوات لعشراتٍ من الفتن والحواجز والمطبات الثقيلة ، فكانت لتلك الصدمات طاحنة دون أن تُعلن حداداً أو عزاء .

 هي ثورةٌ اجتمعت عليها كلاب الأرض من كل حدب ونهشت من لحمها وصمودها طيلة سنوات ، لكنها رغم معرفتها بتكاثر تلك الكلاب فيما بينها أكملت مسيرها قائلةً باستمرار " لعلّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً ".

هي ثورةٌ تعاهدت بكل أطيافها ومذاهبها على البقاء والإبتسامة في وجه كل من يقف أمامها رغم عشرات الطعنات منها في القلب والأحشاء ومنها ما كان غدراً في ظهرها. هامسةً مِدْيتكم ليست إلا موقداً لي ونيرانكم ليست إلا رياحاً لموقدي.. أنا لم ولن أقع على الأرض فهل من مزيد !!.

هي ثورةٌ مظلومةٌ مستضعفةٌ متألمةٌ جريحةٌ لكنها متأملةٌ صابرةٌ محتسبةٌ كلما ضاقت بها الحال استصرخت أن الله بشرني بالنصر ولو بعد حين .

هي ثورةٌ .. وهي ثورةٌ .. وهي ثورةٌ .. تجفُ الأقلام ولا تنتهي الكلمات والحروف ، لكن فلتعلموا أنها ثورةٌ قائمةٌ حتى تنال النصر بإذن الله أو أنها مستمرةٌ حتى قيام الساعة ولو وضعَ التاريخ بجانب الثمانية عشرة أصفار أو زاد ، هي ثورةٌ حتى مطلعِ الفجر ..

فيا ربّ لا تردها خائبة بعد كفاحٍ طويلٍ وطريقٍ شاقّ قد دقّته لترفع الظلم عن أبنائها ، وسارت به لتحييهم وتنقذهم من عارهم وتحيي فيهم نهضتهم وترفع بهم رايةَ العدالة الإسلامية التي قتلها أعداءك وأعداءها عمراً طويلاً يا جبّار يا قهّار ، يا ربِ الفجر الفجر والشروق الشروق لهذه الثورة العظيمة. وكل عام والثورة باقية حتى إسقاط آخر بشار والسلام ..


بقلم مصعب بن مصطفى السلوم




تابعونا على مواقع التواصل الإجتماعي عبر الروابط التالية:

تويتر ؛ إضغط هنا
فيسبوك ؛ إضغط هنا
يوتيوب ؛ إضغط هنا
إنستغرام ؛ إضغط هنا
تليغرام ؛ إضغط هنا